كالأشجار مزروعون بلا فراغات على أرض فوق عجلات تدور..تمسك أغصاننا المنهكة ورغما عنها بحبال مشانق منتشرة على قضبان تسير مع السقف الظالم أينما ذهب ..
أليس عندك رحمة ؟
لماذا لا تكون شفافا لنستمتع بزرقة سماء تغتال كآبتنا بدل النظر إلى هذا الوجوم؟ أونلهو بخيوط شمس تلاعبنا ، تغمزنا من هنا وهناك، فنطرد السكون الملتصق بنا التصاق الذباب بالحلوى
ما هذا؟ يا إلهي؟
أطراف ورؤوس ترمقني..!
كل العيون تريد أن تخترق جسدي.. لتلهو بمشاعري، وتفتش فيها عما يسرها ، أشعر أن بعضها عراني من ألبستي حتى، وينظر إلي بسرور..
تقهقه عيون بعضهم في داخلي ، أشعر بنظراتهم تسير مع الدم في شراييني..
يحملق أحدهم عارضا استبدال بعضا من تعاسته بشيء من تعب جسدي..
وما زال الصندوق يهزنا.. فترانا كهواة يتعلمون رقص الباليه على موسيقى ناشزة ..العازف الوحيد فيها السائق وآلته الوحيدة المحرك، يتلذذان بإيذائنا بدنيا ونفسيا
ومع كل انطلاقة تتغلغل أجسادنا في بعضها وندعوا ربنا ألا نخرج من خلف الصندوق ، يدلق أحدهم مشاعره الرديئة على جسدي فاغرا عينيه نحو ما قد يظهر من زينتي، فأزدريه بنظرة ترجعه.. وتبقى هلوساته تلوث روحي
تلك السيدة تعرض وجومها بسخاء لمن يشتري
وتلك الفتاة تستمتع بنخز حمار شهوة الصعاليك المتجمعين حولها كالقطط في آذار بمهماز وقاحة أُنوثتها..
وذاك العجوز لا يستبدل سكونه بكل متع الدنيا
الكل يبحث في الكل عن شيء يسعده أو يمتعه ولو إلى حين مقابل نقل شيء من تعاسته إليه
ولكن إذا اجتمع الكل على واحد شفطوا أفراحه وصفاءه وتركوه جثة هامدة
وأنا أنظر إلى الداخل منعا لتسرب سهم أحدهم من خلال عيوني
والشارع الخبيث المتلوي كالأفعى ، ينصب افخاخا لنا ولصندوقنا ، هنا وهناك، فكلما أصابه الملل أوقعنا في حفرة تبقى فيها بعض أحلامنا، أو قوّس ظهره فتقفز أفراحنا منا وتطير، ونلتقط بدلا منها تعبا يدمي أقدامنا
وما زلت لم أصل..
معظم الأشجار تكسرت جذوعها في الطريق فألقاها السائق حطبا للأيام بلا هوادة ولا أسف
متى وصلتُ المنزل سأنفض عني كل ما علق بي ، سأزيل كل العيون التي ما زالت تعبث بداخلي رغم أنها فارقت الصندوق، سأغسل كل الأوهام التي اندلقت على جسدي ، سأقبض على روحي ونفسي واضعهما تحت الصنبور وأعصر منهما كل التلوثات إلى أن يعودا كما كانا قبل أن أصعد الحافلة
وفجأة، إرتعدت فرائصي لإيقاف الحافلة بشكل جنوني ولمّا نصل بعد ! بقيت مسافة قليلة على موقفي.. لكن السائق انطلق كالعُقاب على فريسته القابعة في زاوية في آخر الحافلة ، كان شاب قد لاك من الوقت حتى شبع وأتخمه الضجر ، واشتعل حنينه إلى لفافة تبغ يواسي بها نفسه ، فكان ينفث دخانها على استحياء من أحد الفراغات حتى أني لم أُلاحظه ، لكن السائق ذا العيون العُقابية لمحه وألقى عليه بكف تركي جعله يتبعثر ويبحث عن بقايا نفسه على أرض الحافلة، وقبل أن يعثر عليها ألحقه بركلة قذفته كالرصاصة خارج الحافلة يتلوى من الألم
وقبل أن يغلق الباب قذفت بنفسي كالشهاب الغاضب إلى الخارج..
لقد اكتفيت اليوم..إذا بقيت أكثر لن أستطيع الحراك من كثرة الأحمال من آثامهم وآلامهم وأحزانهم وغضبهم..
علي أن أغسل كل هذا..
علي أن أزيل كل ذلك..
مصطفى الصالح
18\01\2010
أليس عندك رحمة ؟
لماذا لا تكون شفافا لنستمتع بزرقة سماء تغتال كآبتنا بدل النظر إلى هذا الوجوم؟ أونلهو بخيوط شمس تلاعبنا ، تغمزنا من هنا وهناك، فنطرد السكون الملتصق بنا التصاق الذباب بالحلوى
ما هذا؟ يا إلهي؟
أطراف ورؤوس ترمقني..!
كل العيون تريد أن تخترق جسدي.. لتلهو بمشاعري، وتفتش فيها عما يسرها ، أشعر أن بعضها عراني من ألبستي حتى، وينظر إلي بسرور..
تقهقه عيون بعضهم في داخلي ، أشعر بنظراتهم تسير مع الدم في شراييني..
يحملق أحدهم عارضا استبدال بعضا من تعاسته بشيء من تعب جسدي..
وما زال الصندوق يهزنا.. فترانا كهواة يتعلمون رقص الباليه على موسيقى ناشزة ..العازف الوحيد فيها السائق وآلته الوحيدة المحرك، يتلذذان بإيذائنا بدنيا ونفسيا
ومع كل انطلاقة تتغلغل أجسادنا في بعضها وندعوا ربنا ألا نخرج من خلف الصندوق ، يدلق أحدهم مشاعره الرديئة على جسدي فاغرا عينيه نحو ما قد يظهر من زينتي، فأزدريه بنظرة ترجعه.. وتبقى هلوساته تلوث روحي
تلك السيدة تعرض وجومها بسخاء لمن يشتري
وتلك الفتاة تستمتع بنخز حمار شهوة الصعاليك المتجمعين حولها كالقطط في آذار بمهماز وقاحة أُنوثتها..
وذاك العجوز لا يستبدل سكونه بكل متع الدنيا
الكل يبحث في الكل عن شيء يسعده أو يمتعه ولو إلى حين مقابل نقل شيء من تعاسته إليه
ولكن إذا اجتمع الكل على واحد شفطوا أفراحه وصفاءه وتركوه جثة هامدة
وأنا أنظر إلى الداخل منعا لتسرب سهم أحدهم من خلال عيوني
والشارع الخبيث المتلوي كالأفعى ، ينصب افخاخا لنا ولصندوقنا ، هنا وهناك، فكلما أصابه الملل أوقعنا في حفرة تبقى فيها بعض أحلامنا، أو قوّس ظهره فتقفز أفراحنا منا وتطير، ونلتقط بدلا منها تعبا يدمي أقدامنا
وما زلت لم أصل..
معظم الأشجار تكسرت جذوعها في الطريق فألقاها السائق حطبا للأيام بلا هوادة ولا أسف
متى وصلتُ المنزل سأنفض عني كل ما علق بي ، سأزيل كل العيون التي ما زالت تعبث بداخلي رغم أنها فارقت الصندوق، سأغسل كل الأوهام التي اندلقت على جسدي ، سأقبض على روحي ونفسي واضعهما تحت الصنبور وأعصر منهما كل التلوثات إلى أن يعودا كما كانا قبل أن أصعد الحافلة
وفجأة، إرتعدت فرائصي لإيقاف الحافلة بشكل جنوني ولمّا نصل بعد ! بقيت مسافة قليلة على موقفي.. لكن السائق انطلق كالعُقاب على فريسته القابعة في زاوية في آخر الحافلة ، كان شاب قد لاك من الوقت حتى شبع وأتخمه الضجر ، واشتعل حنينه إلى لفافة تبغ يواسي بها نفسه ، فكان ينفث دخانها على استحياء من أحد الفراغات حتى أني لم أُلاحظه ، لكن السائق ذا العيون العُقابية لمحه وألقى عليه بكف تركي جعله يتبعثر ويبحث عن بقايا نفسه على أرض الحافلة، وقبل أن يعثر عليها ألحقه بركلة قذفته كالرصاصة خارج الحافلة يتلوى من الألم
وقبل أن يغلق الباب قذفت بنفسي كالشهاب الغاضب إلى الخارج..
لقد اكتفيت اليوم..إذا بقيت أكثر لن أستطيع الحراك من كثرة الأحمال من آثامهم وآلامهم وأحزانهم وغضبهم..
علي أن أغسل كل هذا..
علي أن أزيل كل ذلك..
مصطفى الصالح
18\01\2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق