قيمة الأدب

أخذتُ أُسْهبُ في مدح الأدب، وأفضِّل رَبَّه على ذي النَّشَب، وأبو زيد ينظر إليّ نَظَرَ المُسْتَجهِل، ويغْضي عني إغضاء المتمهِّل فلمّا أفرطتُ في العصبية، للعُصْبة الأدبية، قال لي: ‏ ‏ فأمــا الفقــير فخيـر لـه ‏ من الأدب القرص والكامخ ‏ ‏ ثم قال: ‏ ‏ سيتضح لك صدق لهجتي، واستنارة حُجّتي..‏ ‏
ودخلنا قرية للارتياد، وكلانا مُنْـفِضٌ من الزاد. فلـَقِينا غلامٌ حيّاه أبو زيد تحيّة المُسْلم، وسأله وَقـْفَةَ المُفْهِم. فقال:‏ وعَمَّ تسأل وفـّقك الله ؟ ‏ ‏قال أبو زيد: ‏ ‏ أيُباعُ ها هُنا الرُّطـَب، بالخُطـَب؟ ‏‏ قال الغلام: لا والله! قال: ولا البلح، بالمُلَح؟ ‏ ‏قال: كلا والله! ‏ ‏قال: ولا الثـَمَر، بالسَّمَر؟ ‏ ‏قال: هيهاتَ والله!‏ ‏ قال: ولا العصائد بالقصائد؟ ‏‏ قال: اسكت عافاك الله. ‏‏ قال: ولا الثرائد، بالفرائد؟ ‏‏ قال: أين يُذْهَبُ بك، أرشدك الله؟ ‏ قال: ولا الدقيق، بالمعنى الدقيق؟ ‏قال: عَدِّ عن هذا أصلحك الله! أمّا بهذا المكان فلا يُشتـَرى الشِّعر بشعيرة، ولا النثر بنثارة، ولا القصص بقُصاصة، ولا الرسالة بغسالة ولا حِكم لقمان بلقْمة، ولا أخبار الملاحم بلحمة. وأما جيلُ هذا الزمان فما منهم من يميح إذا صيغ له المديح، ولا من يُجيز إذا أُنشِدَ له الأراجيز، ولا مَنْ يُغيث، إذا أطربه الحديث. وعندهم أن مَثلَ الأديب، كالرَّبْع الجَديب إنْ لم تُجد الرَّبْعَ دِيمةٌ، لم تكن له قيمة.
فقال أبو زيد: ‏أعلمتَ الآن أن الأدب قد بار، وولـَّت أنصارُه الأدبار؟ وأن الأسجاع، لاتُشْبع مَنْ جاع؟‏

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

على حرف غزة




ط§ط¶ط؛ط· ظ‡ظ†ط§ ظ„طھط±ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ط¨ط­ط¬ظ…ظ‡ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظ‰


بكت الشواطيء بحرك غزة
نزف الظل.. انسلخ من طرقاتك
وعلى حبل الفجيعة هرول البكاء خلف آلام تصارع لتعود أهوالا
تعصف بوجه الظُلَّام
كل النوافذ أُغلقت عند الصباح مع العشاء.. حتى الشوارع خلف كل باب أغلقت خطواتها
هو ذا الغروب يحصد لا يخاف.. يقترب من بوابات عطرك بعد ما اختال الأحمر على أوراقك
لا ماء.. لا رغيف.. خواء
حتى الهواء تدثر في نحيب رُسم على جدار أنفاس دمعك
اختبأت كل الملامح
لا شيء..
غير دخان وسط خيبة تدور حول فراغ متفسخ الذكرى
ومحنة باسطة ذراعيها على شدو عصافير الأمس.. تقتات غصة سال دمها على الأشجار أنهارا
تذكر أيها التراب أنه لم يكن هناك ماء.. وشرب العطش يومها.. أزكى الدماء
كانت الأيام تنزع قناع كآبتها حينما تزغرد في الأنحاء خيول الشهادة
تخرج من جعبة تاريخها لحظات امتزجت بملح الملح وشهقة المكلوم
دير ياسين

تنهب الأرض لتنقذ قانا
كفر قاسم يسحب دلاء المعونة لغزة والجدار ممسك بدلوه حتى جنوب لبنان
يا بحر خفف من سعالك فالريح غرقت
والحرية خلف الوهم واقفة
وأشرعة الحلم هاربة
تكسرت ملامحها في الوجوه حتى آخر الدخان
الأفئدة على بعد نسمة تردد:
هبي يا رياح الجنة هبي..
مشانق من هباءٍ.. لكل بصيص تسول له نفسه.. ملامسة أسلاك شائنة.. متخفية.. تحت رداءِ غبارٍ.. يخترق الأزمنة
بطيئة تمضي أيام الكانون إلى حتفها..
حتى إذا ما التهب الفضاءُ.. وقاء سخطه.. توقفتْ.. على حافة المقصلة
تبتسم وسط البيوت حفرة تمطر من غادر الدار 
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها 
أبو صيام علم له نثر الريحان بعدما توشح شتاء الصبر
عالٍ شموخ الموج يخفق على طول ساحل الجرح يصرخ:
ورب العزة لنا غزة

مصطفى الصالح
21\12\2010




عندما تدق الساعة، سنرى حقاً أن الحياة حلم حقيقي
بعيد عن الخيال.. وبالحقيقة التي لن يستطيع أحد الهروب منها



مصطفى الصالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق